رحلة داخل الصحراء الغربية من مصر المحروسة الحلقة الثانية

رحلة داخل الصحراء الغربية من مصر المحروسة الحلقة الثانية

اقتباس :: بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الثانية من " رحلة داخل الصحراء الغربية .

أستأنف معكم أحبتي في الله وفي حب رسول الله هذه الرحلة ..تحرك الركب من أمام منزل " عم أحمد عبده " بمدينة الخارجة بالوادي الجديد ، واتجهت السيارة إلى طريق " قرية بولاق " والساعة الآن حوالي الخامسة صباحاً بعد صلاة الفجر ، وهنا أتوقف قليلاً ... لألتقط أنفاسي وأبدأ في كتابة هذه الأحداث كما حدثت وكما رأيتها ـ الرواية من وجهة نظري ـ . كان الظلام ما يزال يغطي الطريق فلم تتبين أية معالم منه ؛ حتى بدأ الصبح يتنفس ، وأخذ ينساب أول ضوء من أطراف الصحراء الممتدة الواسعة ، وبدأت تظهر بين الفينة والأخرى لافتة صغيرة لقريم بحجم اللافتة ، بها بعض البيوت المتناثرة وتمر بنا اللا فتات ونقرأ أسماء القرى " دمشق ، فلسطين بولاق ، بغداد وهكذا ... " وهذه الأسماء والقرى لم تكن متواجدة قبل الثورة ، ولما بدأ الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر في تعمير الصحراء ، وبدأ بالواحات في الصحراء الغربية ... أنشئت هذه القرى ووجدنا بعضا من الأراضي مزروعة ولونها الأخضر يريح العين ، وسط هذا اللون الأصفر للصحراء ، كان التعمير حقيقياً وسكنت بعض الأسر من متختلف محافظات مصر سواء من الصعيد أو بحري والمستفيد الأول لهذا التعمير هو الرجل البسيط المعدم الذي لا يملك شبراً من الأرض انتقل إلى الأرض البكر فوجد ما يغنيه وأسرته وتملك جزءاً من هذه الأراضي ، ولكن ... ماذا يحدث الآن ... تنتهب أراضي الدولة باسم العمران ... ولا يعمرون إلا " كروشهم " وبطونهم ... فزادت الرشاوى والمحسوبية ورجعنا إلى عهد الإقطاع ... بل حالياً في مصر أسوأ من ذي قبل وأسوأ من قبل الثورة ـ على الأقل ـ كانت هناك قبل الثورة القيم الأخلاقية للبعض وللأسف الآن ملأ الطمع والجشع كل قلوب ذوي " الكروش الممتلئة " من الحرام . أرجع إلى الرحلة ... قطعنا حوالي 60 كم إلى أن قرأنا لافتة مكتوب عليها "إلى الأقصر " وانحرفت السيارة يساراً حتى تسلك الطريق إلى الأقصر ... وبدأت السيارة تطوي هذا الطريق إلى أن وصلنا بعد حوالي 5 كم نقطة تفتيش بها ثلاثة جنود، فتحوا لنا البوابة والطريق بعد أن اطلعوا على التصريح وأخذوه ... وقالوا : " بسلامة الله " ، اطمأنت قلوبنا وقلتُ في نفسي أنَّ هذا الطريق مُستخدم وهناك سيارات كثيرة غيرنا تمر منه بدليل أنَّ هؤلاء الجنود لم يعترضوا طريقنا ... فهم من حرس الحدود ...

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بدأنا نتناول أطراف الحديث في شتى الموضوعات الدينية مع فضيلة مولانا الشيخ ... ثم تناولنا جزءاً من " السندويتشات " ممن حمّلوه لنا الإخوان من مأكولات ... وهي عبارة عن الآتي :
ترمس شاي صغير حوالي خمسة أو ستة أكواب صغيرة من الشاي ، جركل مياه للشرب خمسة لتر ، وآخر مملوء بالمياه به بقايا زيت سيارة ـ لملئ " رادتير " السيارة أثناء السير في الطريق تحسباً لسخونة الجو ـ بعضاً من " حفنات " من البلح الأخضر ، قرون فلفل " مخلل " حامي أو سخن " شطة " ، قطع من الطماطم حوالي 6 سندوتشات .
في أول الأمر لم نعبأ بهذا الزاد لأن المسافة بسيطة فبعد 3 ساعات على الأكثر سنصل إلى الرزيقات إي حوالي الساعة الثامنة أو التاسعة صباحاً . ولي وقفة هنا لابد منها قال المعصوم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما صح عنه :

" يا أبا ذر . أحكم السفينة فإن البحر عميق واستكثر الزاد فإن السفر طويل وخفف ظهرك فإن العقبة كؤود وأخلص العمل فإن الناقد بصير " رواه البخاري ومسلم ، فهذه التجربة تنبهنا إلى أشياء أبسطها أن نستزيد من الزاد لاحتمال أي شيء يحدث في الطريق وكذلك وجودنا في الدنيا ... نستكثر من الزاد فإن السفر طويل وسوف نلاقي رب كريم ... اللهم خفف عنا يا رب العالمين وامح من قلوبنا ما اجتنيناه من حلاوة المعصية واستبدله بالكراهة لهذه الحلاوة وما هو بضدها ... فالإنسان المسلم الحق والذي يراعي الله في كل عمله لابد أن يعرف ويوقن أن الناقد بصير ... حتى في أعمالنا اليومية إن لم نراعِ فيها " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " فسوف تنزل علينا صواعق النقد التي لا قبل لنا بها.

استخدم السيد جمال هميمي السائق مهارته في القيادة وبدأت السيارة تنهب وتلتهم هذه الصحراء المترامية الأطراف ، فالطريق الأسفلت مفتوح أمامنا ـ ولم نلقِ بالاً أو نلقِ نظرة لأي شيء ، فكل شيء هادئ حولنا ، هذه الصحارى عن أيماننا وعن شمائلنا ، وجاءت حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحاً بعدأنْ قطعنا 150 كم بالطريق الأسلفتي ، ثم بدأ يختفي رويداً ... رويداً ، وبدأ امتداد له غير ممهد بالمرة ... ولكنه مشقوق أو مفجوج عن طريق آلة الشق " بلدوزر أو لودر " ، وبدأت السيارة بصعوبة تمضي في الطريق ، ثم بدأ يختفي تماماً وبدأت لنا الصحراء فقط ولا توجد أية معالم للطريق ... ومشينا على امتداده ، ثم وجدنا بعض " البراميل " المسندة على جانب الطريق ، فظننت أنها لإظهار معالم الطريق وأنَّ هذه هي ال 50 كم التي حكوا لنا عنها الغير ممهدة ، وبدأت السيارة تمضي في طريقها ولم نلقِ بالاً أيضاً ، حتى انقطعت " البراميل المسندة على جانب الطريق " ... ولكن وجدنا بعض العلامات الأخرى مثل أعلام ورايات ، كل مسافة معين توجد علامة ، فنقول ..أننا في طريقنا الصحيح ... حتى وصلنا إلى منطقة بها بعض الرمال ... ومن هنا تبدأ الرحلة الحقيقية ... فقد غرزت السيارة في الرمال ... وكانت حوالي الساعة التاسعة صباحاً .....
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وإلى لقاء في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى .

» رحلة داخل الصحراء الغربية من مصر المحروسة الحلقة الثالثة
» رحلة داخل الصحراء الغربية من مصر المحروسة الحلقة الرابعة
» الحلقة الأخيرة من رحلة داخل الصحراء الغربية
» الدروس المستفادة من رحلة الصحراء ؟ (2)
» قصيدة رحلة ... تأليف صلاح عباس النجار