تفسير سورة الضحى

سورة الضحى ....

اقتباس :: بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي
الذي ملأت قلبه بنور جلالك وملأت عينه بنور جــمالك وملأت
سمعه بلذيذ خطابك وعلى آله وصحبه وسلم تسليمـــاً كـثيــراً
بقدر عظمة ذاتك في كل وقـــت وحيــــن .

بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ
وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ
مِنَ الْأُولَى *وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى* أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى*
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى *فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَر*ْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ *
كان السؤال حول ما جاء في سورة الضحى بقوله تعالى " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى "
وآية سورة يوسف " قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ " .
فقال رضوان الله عليه : " أن المقارنة هنا غير واردة فما ورد في سورة
يوسف موضوع يختلف عما ورد في سورة الضحى ، فقد قال العلماء
أقوالاً في هذه الآية فمنهم من قال أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
حينما ذهب مع السيدة آمنة بنت وهب والدته لزيارة أخواله في يثرب ، ولم
يتجاوز سن السادسة ، توفيت أمه في الطريق ، فضلّ الطريق ، وهناك
أقوال كثيرة يمكن الرجوع إليها في كتب التفسير...وقال الإمام الألوسي
في روح المعاني " وقيل الضال الشجرة المنفردة في البيداء ليس حولها
شجر والمراد أما وجدك وحدك ليس معك أحد فهدى الناس إليك ولم يتركك
منفرداً وقال الجنيد قدس الله سره أي وجدك متحيراً في بيان الكتاب المنزل
عليك فهداك لبيانه وفيه قرب ما من الأول وقال بعضهم وجدك غافلاً عن
قدر نفسك فأطلعك على عظيم محلك وقيل وجدك ضالاً عن معنى محض
المودة فسقاك كأساً من شراب القربة والمودة فهداك به إلى معرفته
عز وجل وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: " كنت ضالاً عن
محبتي لك في الأزل فمننت عليك بمعرفتي " وهو قريب من سابقه
وقال الحريري: " أي وجدك متردداً في غوامض معاني المحبة
فهداك لها " وهو أيضاً كذلك ، وكل ذلك منزع صوفي ورأى أبو حيان
في منامه أن الكلام على حذف مضاف والمعنى ووجد رهطك ضالاً
فهدى بك وهو كما ترى في يقظتك " .
ولكن أختلف مع هؤلاء العلماء والمفسرين ، ولو تقطعت إرباً إرباً
على أن أرجع إلى ما توصلت إليه لا أرجع ، وحاشا لرسول الله
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن تنطبق عليه هذه الآيات
عليه وحده ، فإذا سردنا الآيات يقول الله سبحانه وتعالى
وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى *مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى"
، هنا نقف وقفة تأملية فقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالضحى
والليل ، بأنه سبحانه لم يودعه ولم يقله ، فكيف بعد ذلك يقول
له " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ
عَائِلًا فَأَغْنَى *فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ*
وأيضا يقول " وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى ، فلم تأت الآخرة
بعد ، فتعظيما للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
، كان هذا الخطاب " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ
ضالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى *فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ* وذلك لجميع الأمة المحمدية في
شخصه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فهو سبحانه
الذي آوى وهدى وأغنى ، ولذلك عند تذكر النعمة التي ينعم
الله بها على هؤلاء العباد يأمرهم أن سبحانه وتعالى "
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ* وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ " ، أي أن يُحدث بها ويقل كنتُ فقيراً فأغناني
الله من فضله وكنتُ كذا وكذا .. إلي مختلف النعم الربانية
التي أنعم الله بها عليك ، فعلى سبيل المثال أحد الناس يكون
يتيما فيسبب الله سبحانه وتعالى له الأسباب ويسخر له من
يتولى تربيته ويعاني هذا الإنسان من اليتم ، وعندما يكبر
ويصير رجلاً وجب عليه تذكر نعمة الله عليه ، فلا يقهر
اليتيم وكذلك الفقير والضال الذي هداه الله سبحانه وتعالى .
أما الآية الأخرى الخاصة بسيدنا يعقوب عليه السلام
" قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ " فهي تختص بقول
القوم ليعقوب انك لفي ضلالك القديم ، أي في تذكرك
ليوسف وأخيه دائماً أوكما قال المفسرون في ذلك أي أنك
في حبك القديم ليوسف .

» تفسير آية 71 من سورة التوبة
» تفسير آية من سورة المجادلة
» تفسير الآيات من 76إلى 79 من سورة الأنعام
» تفسير " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ "
» تفسير : ( ثُمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ )