في معرفة اللطيفة وأسرارها

في معرفة اللطيفة وأسرارها

إذا عَزَّتْ عن الشرح المعاني *** فتلك لطائفُ الرحمان فينا

يُشار بها إلينا من بعيـــــــــــد *** فنــحيا من إشارتها سنينا

وأنَّ الله يمنحها قلـــــــــــــوباً *** يهيمها الهوى حينا فحينا

وما ذاك الهوى المذموم لكن *** هو الحب الذي منه ابتلينا

اعلم

أيدنا الله وإياك بروح القدس أنَّ أهل الله يطلقون لفظ اللطيفة على معنيين
يطلقونه ويريدون به حقيقة الإنسان ، وهو المعني الذي البدن مركبه ومحل
تدبيره وآلات تحصيل معلوماته المعنوية والحسية ، ويطلقونه أيضاً ويريدون به
كل إشارة دقيقة المعنى تلوح في الفهم لا تسعها العبارة وهي من علوم
الأذواق والأحوال ، فهي تعلم ولا تنقال لا تأخذها الحدود وإن كانت محدودة
في نفس الأمر ، ولكن يلزم من له حدّ وحقيقة في نفس الأمر أن يعبر عنه ،
وهذا معني قول أهل الفهم : إن الأمور منها ما يحدّ ومنها ما لا يحدّ ، أي
تتعذر العبارة عن إيضاح حقيقته وحده للسامع حتى يفهمه وعلوم الأذواق من هذا
القبيل ، ثم يتوسعون في اللطائف فيسمون كل معنى دقيق عزيز المثال ، وإن
قيل ينفرد به أفراد الرجال لطيفة ، ومن الأسماء الإلهية الاسم اللطيف ، ومن
حكم هذا الاسم الإلهيّ إيصال أرزاق العباد المحسوسة والمعنوية المقطوعة
الأسباب الأسباب من حيث لا يشعر بها المرزوق وهو قوله تعالى : " وَيَرْزُقْهُ [size=22]مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ " الطلاق : 3
ومن الاسم
اللطيف قوله عليه السلام في نعيم الجنة : " فيها ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر " فاعلم وفقك الله أن اللطيفة التي تحصل للعبد من
الله من حيث لا يشعر إذا أوصلها للعبد بهمته لتلميذه ، أو لمن يشاء من
عباد الله من حيث لا يشعر ذلك الشخص عن قصد الشيخ حينئذ يقال فيه أنه صاحب
لطيفة .

[/center]

الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي ــ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان الجزء الثاني ـ ص 492

اللهم أمدنا بمدد آل بيت نبيك المصطفى يا أكرم الأكرمين يارب

اللهم ارفع عن العالم غضبك وأنزل عليه رحمتك

وصن بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء

أنت حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم