لطائف حول قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى

لطائف حول قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى

اقتباس :: اللهم صلّ على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين

لطائف حول قوله تعالى : " إِنَّالَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَايَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَايَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُوَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ"[1]
قال الشيخ رضي الله عنه : " من هم الذين سبقت لهم الحسنى من الله ؟؟ هل هم أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟ فإن كانوا كذلك ، فكيف يكونون مبعدون عن النار ؟ ولا يسمعون مجرد الحسيس[2] ، وفيهم العاصي وشارب الخمر ، وقد قال عز وجل : " وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا"[3] إذن فكل المسلمين وارد على النار ، ويمرون على الصراط ، وغير المسلمين كذلك ، ولكن ، ما ورد بالآية "أوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ" فهم الذين سبقت لهم الحسنى من الله سبحانه وتعالى ، وقد سجلها الله سبحانه وتعالى في سورة الإنسان في قوله تعالى : " إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُ مْنَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا "[4] أي أنهم آل البيت فقط فهم الذين سبقت لهم الحسنى دون سواهم وأعطاهم الجنة في حياتهم الدنيا " .
ـ وأقول : إني أتذكر بعض اللطائف الذي تحدث معنا فضيلة الشيخ في هذه الآيات بالنسبة للعين التي يفجرونها تفجيراً ، أي أن علوم آل البيت رضوان الله عليهم يفجرونها ، حتى ينهل منها عباد الله ويشربون من علومهم ونفحاتهم ، وكذلك " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا" قال صاحب الكشاف الزمخشري الخوارزمي ، من مفسري أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس ، قال : وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) مرضا ، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في ناس معه ، فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك ، فنذر علي وفاطمة وفضة ـ جارية لهما ـ ، إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا وما معهما شئ ، فاستقرض عليٌ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة ( رضي الله عنها ) صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صياماً ، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أخذ علي ( رضي الله عنه) بيد الحسن والحسين( رضي الله عنهما ) وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، قال ما أشد مايسوؤني ما أرى بكم ، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة ( رضي الله عنها ) في محرابها ، وقد التصق بطنها في ظهرها ، وغارت عيناها فساءه ذلك ، فنزل عليه جبرائيل عليه السلام وقال : خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة ( الإنسان)[5] .أ.هـ
ـ وكان ذلك الإطعام للمسكين واليتيم والأسير من آل البيت فقد قال الله تعالى : " ويطعمون " بصيغة المضارع والذي يفيد الاستمرار ، ولم يقل : وأطعموا الطعام ، بل قال سبحانه : "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا" أي أنهم مستمرون في هذا الإطعام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وكان هؤلاء الثلاثة من الملائكة ، أي أنهم لا يهمهم الطعام بمعناه الذي نعرفه ، وهذه إشارة إلى إطعامهم رضوان الله عليهم ، لمن يأتيهم مسكيناً لا يملك شيئاً من علم أو فضل فالفضل والعلم كله لهم ، وكذلك من يأتي لهم يتيماً لا يملك نفساً ولا يملك شيئاً ، فإنه ينال إطعامهم ، وأيضاً من يأتيهم أسيراً في هواهم وحبهم فينال من أفضالهم وإطعامهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه (وآله وصحبه) وسلم في سوق من أسواق المدينة فانصرف وانصرفت معه فقال ادع الحسين بن علي فجاء الحسين بن علي يمشي فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده هكذا فقال الحسين بيده هكذا فالتزمه فقال اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه قال أبو هريرة فما كان بعد أحد أحب إلي من الحسين بن علي بعدما قال النبي صلى الله عليه (وآله وصحبه) وسلم ما قال[6] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
هوامش :

[1] : الأنبياء 101: 105

[2] (حسس ) الحس والحسيس الصوت الخفي قال الله تعالى لا يسمعون حسيسها والحس بكسر الحاء من

أحسست بالشيء حس بالشيء يحس حسا وحسا وحسيسا وأحس به وأحسه

شعر به وأما قولهم أحست بالشيء فعلى الحذف كراهية التقاء المثلين قال

سيبويه وكذلك يفعل في كل بناء يبنى اللام من الفعل منه على السكون ولا

تصل إليه الحركة شبهوها بأقمت
الأزهري ويقال هل أحست بمعنى

أحسست ويقال حست بالشيء إذا علمته
وعرفته قال ويقال أحسست الخبر

وأحسته وحسيت وحست إذا عرفت منه
طرفا وتقول ما أحسست بالخبر وما

أحست وما حسيت ما حست أي لم أعرف منه شيئا .

[3] : مريم 171

[4] : الإنسان 5 : 12

[5] : الحديث الشريف في الكشاف:4/197، وفي طبعة أخرى:4/670، وفي

شواهد التنزيل:2/393- 414 ح1042- 1070، وفي المناقب

للمغازلي ص272ح320، وأسباب النزول للواحدي ص296 ، والدر

المنثور للسيوطي:8/371 ، وذخائر العقبى ص102 ، وتفسير

البيضاوي:5/165، وتفسير الطبري:29/125،وتفسير

الرازي:30/243.. وغيرها .
وأورده ابن كثير في البداية والنهاية .

(موقع الدرر السنية الإلكتروني ) .

[6] : أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق تحقيق:عمر غرامة

العمرويالناشر: دار الفكر - الطبعة:بدون - سنة الطبع: 1415هـ (

حكم المحدث عليه : أخطأ السراج في متنه وإسناده )

» في قوله تعالى : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " ( رقم 3 )
» ومن قوله رضي الله عنه (6)
» تفسير : الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
» قوله رضي الله عنه : حل بيننا وبين فتنة الدنيا والنساء والغفلة والشهوة وظلم العباد وسوء الخلق
» قول الله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ... الشعراوي